ما العلاقة بين الطب والفضاء

‏20 سبتمبر 2023 إثراء
مشاركة

 

من الجميل جدًا أن الطب الذي امتد من سنة 2600 قبل الميلاد أصبح مرتبط ارتباطًا وثيقًا بعلوم واكتشافات ورحلات الفضاء التي بدأت في الرابع من أكتوبر عام 1957 بعد الميلاد.

فعندما نقوم بإرسال رواد الفضاء للقيام بمختلف المهام والتجارب في محطة الفضاء الدولية وهي بيئة منعدمة الجاذبية وقبل كل تلك التجارب صحة رواد الفضاء هي المطلب والاهتمام الأول، ومع ازدياد الرحلات المأهولة إلى الفضاء أصبحت الحاجة إلى وجود علم يهتم بصحة رواد الفضاء مطلب هام أدى ذلك إلى تأسيس علم "طب الفضاء".

يعرّف طب الفضاء وهو أحد فروع الطب على أنه الطب الذي "يقدم الرعاية الصحية لرواد الفضاء ويهتم بدراسة المتغيرات الفسيولوجية والنفسية والعوامل البيئية والمهنية المؤثرة على صحة رواد الفضاء أثناء تواجدهم في الفضاء وإعادة تأهيلهم بعد عودتهم من الفضاء للتأقلم مع بيئة الأرض". لأكثر من 50 سنة قامت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا وتحت برنامج أبحاث الإنسان Human Research Program (HRP) بدراسة ما الذي يحدث لجسم الإنسان عندما يكون في الفضاء، تعد دراسة التوأم من أجمل الدراسات التي قامت بها ناسا عندما قام رائد الفضاء سكوت كيلي Scott Kelly  بالمكوث لأطول مدة وهي 340 يوم وتوأمه مارك كيلي Mark Kelly بالمكوث على كوكبنا الأرض كعينة ضابطة Control Subject.

يتغير رواد الفضاء جسديًا أثناء رحلات الفضاء، من المخ والقلب والأوعية الدموية والعينين إلى خلاياهم. أثبتت العديد من الدراسات البحثية صحة هذه التغيرات وأظهرت أفضل السبل للوقاية من المشاكل الصحية والعناية برواد الفضاء قبل وبعد رحلاتهم إلى الفضاء. بمجرد خروج رائد الفضاء من الغلاف الجوي يبدأ الجسم بمقاومة البيئة الجديدة من قلة الجاذبية إلى العوامل الخارجية مثل الإشعاع الفضائي، الضغط ودرجة الحرارة.


مثال: يعمل أجسام رواد الفضاء عند انخفاض الدم على استهلاك الكالسيوم المخزن بالعظام بواسطة الغدة الجار درقية، وينقله إلى الدم عوضًا عن الانخفاض والنقص الذي تعرض له رائد الفضاء في الفضاء. وذلك مقارنة بالأشخاص الطبيعيين ورواد الفضاء من حيث المجهود البدني فسنلاحظ ان مجهود رائد الفضاء اعلى بكثير من مجهود الشخص على سطح الأرض بسبب قوة طفو الهواء فبالتالي يتم استنفاد الكالسيوم مما يؤدي إلى هشاشة العظام. إضافةً إلى ذلك، انخفاض ضغط الدم ليس فقط تأثيره في العظام، وإنما أيضًا في نقص حجم الدم، اتساع الاوعية الدموية، نقص فيتامين B12، ومشاكل بالقلب وغيرها. في الوقت الحالي، فإن التدابير المضادة الرئيسية التي أوصى بها أطباء الفضاء هي ببساطة ممارسة الرياضة. يعمل رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية حوالي ساعتين في اليوم، باستخدام المشي العائم ودراجات التمرين وIRED -وهو جهاز تم تطويره خصيصًا للسماح لرواد الفضاء بالقيام بتدريب مقاوم أو قوة.

قد تساعد الأدوية أيضًا في بعض المشاكل البايفوسفونيت، على سبيل المثال المستخدمة على الأرض لإبطاء معدل فقدان العظام لدى مرضى هشاشة العظام مفيدة لرواد الفضاء أيضًا. يبدو أن هذه التدابير المضادة تعمل بشكل جيد بما يكفي لفترات قصيرة في الفضاء. للاستكشاف على المدى الطويل، قد يعمل نهج مختلف تمامًا بشكل أفضل مثل: الجاذبية الاصطناعية.

أطلقت رحلة رائدا الفضاء السعوديان ريانة برناوي وعلي القرني إلى محطة الفضاء الدولية في 22 من شهر مايو؛ لمهمتهما العلمية الفضائية كجزء من برنامج السعودية لرواد الفضاء، الذي أطلقته الهيئة العامة للفضاء. وأجرى الطاقم السعودي 11 تجربة علمية رائدة في الجاذبية الصغرى، وثلاث تجارب توعوية تعليمية شارك فيها 12 ألف طالب في 42 موقعًا بالمملكة عبر الأقمار الاصطناعية.

ومن أبرز التجارب:
‏قياس المؤشرات الحيوية عن طريق الدم، وتهدف هذه التجربة إلى دراسة تغييرات المؤشرات الحيوية في الدم، والتي تبين أنسجة الدماغ الوظيفية في مهمات الفضاء قصيرة المدى؛ لتحديد ما إذا كانت هذه الرحلات آمنة للدماغ أم لا. إضافةً إلى تجربة التغيير في طول التيلومير المسؤول عن تقدم الشيخوخة لدى الشخص، والهادفة إلى قياس تأثير رحلات الفضاء قصيرة المدى على طول التيلومير، وتجربة قياس الحدقة لقياس الضغط داخل الجمجمة، حيث تهدف التجربة إلى استخدام جهاز أوتوماتيكي لقياس الحدقة في مهمة الفضاء قصيرة المدى؛ لقياس أي تغييرات في الضغط داخل الجمجمة، وتعزيز المعرفة في المتلازمة العصبية – العينية المرتبطة بالرحلات الفضائية (SANS). كما أجرى الفريق تجربة استخدام تخطيط أمواج الدماغ لقياس النشاط الكهربائي في الدماغ، بهدف دراسة تأثير بيئة الجاذبية الصغرى على النشاط الكهربائي في الدماغ، وذلك باستخدام جهاز متنقل يقوم بعمل تخطيط أمواج للدماغ، إضافة إلى قياس قطر غلاف العصب البصري لغرض تحديد قياس قطر غلاف العصب البصري لرواد الفضاء خلال مهمة الفضاء قصيرة المدى. وسيقوم الفريق بتجربة علوم الخلايا، وتهدف التجربة إلى فهم كيفية تغير الاستجابة الالتهابية في الفضاء، وخصوصًا التغييرات على عمر الحمض النووي الريبونووي المراسل، وهو جزيء أساسي لإنتاج البروتينات المؤدية للالتهاب، كما سيستخدم نموذج خلايا مناعية لمحاكاة استجابة الالتهاب للعلاج الدوائي أثناء الجاذبية الصغرى في الفضاء.

فريق العمل:
‏• كتابة المحتوى: روابي المشحن، مونيا أبوالريش
‏• تدقيق المحتوى: نواف العمرو
‏• تصميم المحتوى: ريانا المحيش